في ظل الاستحقاقات التي ستعرفها بلادنا نسلط الضوء على شمولية مفهوم ” المشاركة السياسية ” الماهية.. الخصائص.. الأشكال .. الغاية ..

 الجزء الثاني..

ثانيا: المشاركة السياسية الظرفية، المشاركة السياسية الدائمة والمستمرة:

  • المشاركة السياسية الظرفية،،، وهي المشاركة السياسية التي يمارسها الفرد لمرة واحدة أو لعدة مرات في مناسبات محددة، مثل الانتخابات، الاستفتاءات، وهذه المشاركة تخص الأفراد الغير نشيطين سياسيا.
  • المشاركة السياسية الدائمة والمستمرة،،، إن هذا النوع من المشاركة السياسية يكون أكثر بروزا في المجتمعات الديمقراطية، ويقصد به مشاركة المواطنين في الأحزاب السياسية والمشاركة في الجمعيات والمنظمات وجماعات الضغط، فهذه المشاركة المستمرة في التنظيمات تلعب دورا ايجابيا في التنشئة السياسية لدى الأفراد.

أما من الجهة الأخرى فهناك من يرى أن المشاركة السياسية لها عدة أشكال :

المشاركة السياسية الايجابية،،، وهي المشاركة عن طريق التصويت والاستفتاء الشعبي وممارسة حق الاعتراض الشعبي ونظيره حق الاقتراح، وطلب إعادة الانتخاب حسب الدستور.

المشاركة السياسية السلبية،،، وهي الدراية في الموضوعات السياسية وحضور المناسبات أو بعض الاجتماعات واللقاءات المدعمة للحكومة ومعرفة أنشطة وقرارات الحكومة.

فالمشاركة السياسية تكون شكلية فقط….

المشاركة السياسية التقليدية ،،، وهي مشاركة الأفراد من خلال القنوات المشروعة والرسمية والمعروفة،وتكون هذه المشاركة سلمية.
المشاركة السياسية غير التقليدية ،،، وهي المشاركات التي تمر عبر القنوات الغير شرعية وتكون هذه المشاركات غير سلمية، ومن أمثلتها « المظاهرات العنيفة ، الاضراب عن الطعام ، حرق الأعلام…»
المشاركة السياسية الرمزية ،،، وهي الأعمال والمواقف  والأفعال التي تثبت أن الشخص يشارك سياسيا، دون أن يحتاج ان يؤكد ذلك صراحة، مثال ذلك « ترديد النشيد الوطني، تقبيل أيدي الملوك، ابداء الاحترام والوقار لمسئولي الدولة » .
المشاركة السياسية الصريحة ،،، وفيها يعلن الفرد صراحة عن رغبته في المشاركة السياسية، ويعزز ذلك بأفعال تدل على مشاركته السياسية.

مدى تفعيل المشاركة السياسية والغاية منها

عند قياس مدى تفعيل المشاركة السياسية على واقع المجتمعات نصطدم من جهة بمجموعة من المعيقات والمثبطات التي تقف أما تفعيل المشاركة السياسة،ومن الجهة الأخرى بمجموعة من المحفزات والدوافع لتفعيل هذه الأخيرة….

معيقات و محفزات المشاركة السياسية

تتعرض المشاركة السياسية لعدة معيقات ومحفزات ومن أهمها:

أولا : معيقات المشاركة السياسية  :

  • الابتعاد « الامتناع » عن المشاركة السياسية بسبب التنشئة السياسية السلبية لدى الأفراد والاقتناع بعدم وجود أي فائدة من المشاركة السياسية.
  • الخوف من السياسة والسلطة،،، وهي اعتبار الفرد المشاركة السياسية عملا خطرا وذلك لأن الحياة السياسية مليئة بالاضطرابات والعنف المادي والرمزي والتسلط والظلم، فهذا يجعل الأفراد يمتنعون عن المشاركة السياسية.
  • عدم لزوم او جدوى المشاركة السياسية،،، يتواجد هذا الإحساس في الدول ذات الأنظمة الديمقراطية الشكلية لا فعلية، فعدم وجود ديمقراطية فعلية يؤدي إلى عدم اهتمام الأفراد بالمشاركة السياسية لأن هذه المشاركة سوف تذهب سدى وتكون بدون تأثير على السياسة العامة وما هي إلا طريقة لإضفاء الشرعية على الوضع القائم « أي الديمقراطية الشكلية » .
  • قلة الوعي والأمية والجهل،،، ان قلة الوعي للفرد بما يجري حوله في الحياة السياسية وعدم معرفته أسباب الصراعات السياسية تولد له إحساس بعد الاكتراث بهذه الحياة السياسية وعدم أهمية رأيه فيها وبالتالي امتناعه عن المشاركة ، كما أن الأمية والجهل تجعل من الصعب على المواطن أن يشارك سياسيا، لأنه لا يمتلك أية معرفة أو دراية للمشاركة في الحياة السياسية.
  • التضاد مع النظام السياسي المسيطر،،، حيث تضعف المشاركة السياسية، يكثر المعارضون للنسق السياسي القائم، فهؤلاء كرد فعل مضاد للتوجهات الرسمية يمتنعون عن المشاركة السياسية، وبالتالي يسحبون الشرعية من هذا النسق السياسي.
  • ضعف الحس الوطني وغياب الإحساس بالمسؤولية لدى شرائح المجتمع وخصوصا الشرائح العليا، واهتمام هذه الشرائح من المجتمع بالثروة التي يمتلكونها دون الاهتمام بمن يحكم ومن ينتخب لكون المشاركة السياسية ما هي إلا ملهاة للفقراء وللطبقة الوسطى.

ثانيا : محفزات المشاركة السياسية  :

  • البحث عن دور فاعل ومؤثر داخل المسرح السياسي،،، من طبيعة الكائن البشري أن يسعى للعب أدوار طلائعية في الحياة بصفة عامة، بما فيها الشق المتعلق بالسياسة، لهذا فالمشاركة السياسية تبقى غاية كل مشارك خصوصا إذا كان لها وقع مرئي وملموس على الشأن السياسي.
  • السعي لتحقيق مطالب معينة،،، من الصعب تصور مشارك سياسي يشارك في اللعبة السياسية من أجل المشاركة فقط، بل انه يبتغي من وراء هذه العملية الدفع في اتجاه تحقيق المطالب السياسية التي يراها لازمة التحقق، وثم تصبح المشاركة السياسية كأداة لتحقيق المطالب السياسية.
  • المشاركة السياسية كحق واجب ،،، كثيرا ما تنص الدساتير الحديثة على أن المشاركة السياسية هي : حق لكل مواطن ولا يمكن حرمانه من هذا الحق، كما أن بعضها بين على كون المشاركة السياسية واجب ملزم لكل مواطن بأدائه اتجاه وطنه، لهذا فالمشارك السياسي يقوم بما يقوم به مؤمن بأنه يمارس حقه الطبيعي الذي كفله له القانون، كما أنه يفعل ذلك كأداء لواجب وطني من اللازم عليه أن يؤديه، لأن التمتع بالحقوق والالتزام بالواجبات سمة المواطن الصالح.
  • المشاركة السياسية كدرع واقي للأقليات العرقية والدينية،،، هنا تبرز المشاركة السياسية كحصن دفاعي تتخذه الأقليات الدينية والعرقية واللغوية والقومية… للدفاع عن نفسها، ولضمان حقوقها، فشعورها بالاغتراب يجعلها تشارك سياسيا.
  • المشاركة السياسية تحاشيا لغضب النظام القائم أو شراءً لوده ،،، في بعض الأحيان يشارك الفرد في الشأن السياسي مكرها، لأن عدم مشاركته قد تجلب له غضب النظام واستيائه، كما أنه في أحيان أخرى قد يشارك المرء في الحياة السياسية بغاية الحصول على رضى النسق السياسي والتمتع بالامتيازات التي يقدمها للمشاركين.

الغاية من المشاركة السياسية

حسب « Sidny Verba   و  Norman Nie» ، فالهدف من المشاركة السياسية هو « التأثير على اختيارات الأشخاص في الحكومة أو النشاط الذي يقومون به » .

أما «  Marie Thérèse Renard » فترى « أن هدف المشاركة السياسية هي أن يكون للإنسان موقف معين وأن يقوم بعمل ما، وأن يصبح الإنسان المشارك هو جزء في جماعة تعكس رغبة الآخرين ، حيث يجد الفرد نفسه يقتسم مع غير المسؤولية…. »

ويأتي «  CanWay » ليؤكد أن الغاية من المشاركة السياسية هو « التأثير على هيكل الحكومة أو اختيار السلطات الحكومية أو سياسة الحكومة » .

هكذا يبدو أن للمشاركة السياسية غايات متعددة، فإذا كان من بين أهدافها توجيه النسق السياسي لما فيه مصلحة المشاركين، فإنها أيضا تساعد المشارك السياسي على التفاعل بشكل ايجابي مع محيطه السياسي، مما يفرز نخبة سياسية خبيرة في الحقل السياسي مما يجعلنا ازاء إشكال كبير يتعلق بماهية النخبة السياسية …؟؟؟

علي بوشنة

الكاتب الجهوي لمنظمة الشبيبة الدستورية -العيون-

اترك تعليقاً

Share via